Professional Academy

الاكاديمية المهنية
للتدريب والاستشارات

هو سلوك الكذب بشكل قهري، وقد وصف لأول مرة في الأدبيات الطبية في عام 18م91، ولكنه يظل موضوعًا مثيرًا للجدل، وقد يكون الفرد فيه مدركًا بأنه يكذب أو قد يعتقد أنه يقول الصدق، وعادة ما تكون القصص والأقوال المكذوبة مبهرة للسامعين، ولكنها لا تتجاوز حدود المعقولية، ولا تكون مبنية على أوهام في ذهن الكاذب ولا ناجمة عن إصابته بالذهان، وقد يعترف بأنها كذب محض عند مواجهته، ويكون الميل عنده للكذب والتلفيق مزمنًا، فلا يكون في ظرفٍ حادثٍ يستدعي الكذب ولا بسبب ضغط اجتماعي عليه بقدر ما هو سمة فطرية في شخصيته.

ومن مزايا الكذب المرضي أن الدافع للكذب والمحفز عليه داخلي في نفس المتحدث وليس لغاية أو سبب خارجي، فمثلاً لا يُعد الكذب على الآخرين للحصول على وجاهة معينة بينهم أو لتحصيل منفعة منهم كذبًا مرضيًا وإن تكرر مرارًا وتكرارً.
الشخص المريض بالكذب هو الفرد الذي يروي بشكل مزمن أكاذيب ضخمة، مبالغًا فيها، تمتد أو تتجاوز حدود المعقول، ولا يمكن تصديقها على الإطلاق.
الناس العاديون قد يضطرون إلى الكذب أو الابتعاد عن الحقيقة من حين لآخر، أما الأفراد المصابون بالكذب المرضي فيفعلون ذلك بشكل معتاد ومنتظم..

⭕الكذب المرضي مقابل الكذب العادي :
يجد غالبية الناس أنفسهم مضطرين إلى إخبار أكاذيب “طبيعية” أو “عادية” كآلية للدفاع عن أنفسهم، بغرض تجنب عواقب الحقيقة. على سبيل المثال، قد يضطر المرء إلى الكذب من أجل الحفاظ على مشاعر شخص حول مظهره، فيقول “قصة شعرك جميلة جدًا”. هذا النوع من الكذب يعتبر إستراتيجية فعالة في تسهيل الاتصال الإيجابي بين الإنسان.
وفي المقابل، ليس لدى الكذب المرضي أية قيمة اجتماعية، وغالبًا ما ينطوي على أكاذيب غريبة وشاذة.
من شأن هذه الأكاذيب أن تحمل آثارًا سلبية مدمرة على أصحابها، لا يمكن تفاديها دون تحمل عواقبها الاجتماعية والقانونية. في الواقع، يفقد أصحاب الكذب المرضي ثقة الأصدقاء والعائلة بسبب ضخامة وتكرار الكذب المبالغ فيه، وفي نهاية المطاف، يخفقون في جميع علاقاتهم الاجتماعية.
وفي الحالات القصوى، يؤدي الكذب المرضي إلى مشاكل قانونية مثل التشهير والاحتيال والتقمص.

⭕الكذب المرضي مقابل الكذب القهري :
برغم استخدامهما بشكل متبادل في كثير من الأحيان، إلا أن مصطلحي “الكذب القهري” و”الكذب المرضي” يختلفان عن بعضهما البعض. كلا المفهومين يشتركان في عادة ممارسة الكذب، لكن لديهما دوافع مختلفة تمامًا.
عادة ما يكون الدافع وراء الكذب المرضي هو جذب الانتباه أو جذب التعاطف، وفي المقابل، ليس لدى مرضى الكذب القهري أية دوافع معروفة للكذب، فهم يفعلون ذلك بغض النظر عن طبيعة الموقف أثناء عملية الكذب، وهم بالطبع لا يسعون إلى تفادي المشاكل أو كسب بعض المزايا على حساب الآخرين.
في الواقع، مرضى الكذب القهري يشعرون بالعجز ولا يستطيعون منع أنفسهم من قول الأكاذيب

⭕سمات الكذب المرضي وعلاماته :
يمارس أصحاب الكذب المرضي هذه العادة بدوافع محددة جدًا، تشمل تعزيز الغرور وتقدير الذات، والبحث عن التعاطف، وتبرير الشعور بالذنب، أو حتى العيش في خيال ، وقد يلجأ آخرون إلى هذه الممارسة المزمنة للتخفيف من الضجر، من خلال خلق الدراما الجذابة.
*كتب عالم الطب النفسي الرائد ويليام هيلي عام 1915 أن “جميع الكذابين المرضيين لديهم غرض واحد، هو تزيين شخصيتهم من خلال قول أشياء غير حقيقية مثيرة للاهتمام”. ووفقًا له، ترتكز هذه الممارسة على دافع “الأنا”، وتنطوي على الكذب بشيء يرغب الفرد بامتلاكه.
وبرغم أن هذا المرض ينطوي على أغراض الإشباع الذاتي، إلا أن هنالك سمات مشتركة، يتقاسمها أصحاب الكذب المرضي، يمكن تلخيصها كما يلي:
أولًا: قصصهم غريبة وخيالية
إذا كنت تستمع إلى قصة “مستحيلة” من ناحية المبدأ، فربما تستمع إلى حكاية يرويها كذاب مرضيّ. قصص هؤلاء غالبًا ما تصور ظروفًا عظيمة تشير إلى امتلاكهم ثروة كبيرة، أو شجاعة رائعة، أو شهرة استثنائية. علاوة على ذلك، يميلون إلى ذكر أسماء مشاهير بشكل متكرر، باعتبارهم أصدقاء مقربين، بما يخالف الحقيقة بشكل واضح.
ثانيًا: هم دائمًا البطل أو الضحية
الكاذبون المرضيّون هم دائمًا نجوم قصصهم؛ فمن أجل الحصول على الثناء والمديح، يمنحون أنفسهم دور البطل، ولا يأخذون دور الشرير أو الخصم على الإطلاق. ومن أجل الحصول على التعاطف، يصورون أنفسهم كضحايا معاناة لا نهاية لها جرّاء ظروف فاحشة.
ثالثًا: تصديق أكاذيبهم الخاصة
يميل هؤلاء عبر الوقت إلى تصديق أكاذيبهم، إذ ينطبق عليهم المثل القائل: “كذب الكذبة وصدّقها”. تشير الأبحاث إلى أن هؤلاء المرضى يصدقون أكاذيبهم بشكل كامل، وفي بعض الأحيان، يفقدون الوعي بالحقيقة، ولا يدركون أنهم يكذبون بعد ذلك.
رابعًا: عدم الحاجة إلى سبب من أجل الكذب
يعتبر الكذب المرضي نزعة مزمنة مدفوعة بسمة شخصية فطرية. بكلمات أخرى، هم لا يحتاجون إلى أسباب منطقية أو دوافع خارجية لقول أكاذيب. جميع دوافعهم داخلية تنطوي على البحث عن الاهتمام.
خامسًا: اختلاف القصص من حين لآخر
من الصعب إخبار الخيالات المعقدة والقصص المفخمة بالطريقة نفسها في كل مرة. غالبًا ما يفضح هؤلاء أنفسهم من خلال تغيير التفاصيل في القصص. وفي بعض الأحيان، لا يستطيعون تذكر تفاصيل الكذبة، فيضطرون إلى إضافة تفاصيل مغايرة جذابة، من أجل تجميل صورهم الذاتية.
*الهجوم عند التعرض للشك
أصحاب الكذب المرضي يصبحون اندفاعيين بشكل لافت عندما يشكك الآخرون في مصداقية قصصهم. عندما يواجهون حقائق مدعومة بأدلة دامغة تنفي صحة أكاذيبهم، فيلجأون إلى الدفاع عن النفس من خلال قول مزيد من الأكاذيب.

⭕معالجة الكذب عند المراهق :
يمكن معالجة الكذب عند المراهقين، أو الأطفال الكبار عن طريق بعض الخطوات المقترحة للأب، والأم، والتي قد تكون مفيدة للغاية من أجل ذلك،
وهي:
*شرح التبعات، والعقبات السيئة، والمخاطر التي تتواجد مع عدم الأمانة،
وكيف يسيء الكاذب بحق نفسه أكثر من أي شيء آخر.
* شرح كيف يشعر الوالدان عند الكذب عليهما؛ بهدف التأثير العاطفي عليه.
* مناقشة الكذبة مع المراهق، وتقديم النصيحة له حول كيفية التعامل مع الأمور بدون الاضطرار لفعل ذلك، وكيف يمكن منع المزيد من الكذب.
* الإعلان للمراهق بأن الكذب تعد جريمة كبيرة، وخطأ لا يغتفر له في الأسرة.
* شرح أهمية الثقة لبناء علاقة صادقة بين أفراد الأسرة.

⭕علاج الكذب المرضي :
يوجد في بعض الأحيان العديد من الأشخاص البالغين، والذين يكذبون كثيراً، وبدون دواعٍ حقيقية، ولأسباب مرضية، ويمكن علاجها عن طريق اتباع الخطوات الآتية:
*البدء في العلاج النفسي، والمشكلة هنا أنه في أغلب الأحيان لا يتم الإعتراف بوجود مشكلة حقيقية، بحيث قد تصل بهم الحالة لعدم القدرة على التفريق بين الحقيقة، والكذب فيما يقولون.
استخدام البصيرة لدى الأطباء المبنية على الخبرة لاستكشاف أسباب الكذب الداخلية، حيث يستكشف الأطباء من خلال العلاج السلوكي المعرفي السبب الذي يجعل هؤلاء البالغين مضطرين على الكذب بصورة دائمة، ومعرفة المفاهيم الإدراكية الخاطئة عن الكذب، والآثار السلوكية، والعاطفية للكذب، والاضطرابات النفسية، أو الشخصية، أو الصحة العقلية التي تؤدي بهم لذلك؛
حيث يمكن صرف بعض الأدوية من قبلهم بالاقتران مع العلاج النفسي؛ بهدف التخفيف من الأعراض لديهم.
* الانتباه للتلاعب الذي قد يفعله أمثال هؤلاء أثناء عملية العلاج النفسي؛ بهدف خداع، وتضليل المعالج، أو الطبيب.
* تجنب فقدان الأعصاب عند التعامل معهم أثناء كذبهم، وعدم مواجهتهم بالغضب، بل محاولة كشف الكذب، ودعمهم، ولكن بطريقة حازمة، والحفاظ على احترامهم كأشخاص.
* توقع الإنكار منهم، والرد على المواجهة بكذبة أخرى.
* تجنب أخذ الموضوع بشكل شخصي، فإن الكاذب من هذا النوع يكون مدفوعاً باضطرابات شخصية، أو بالقلق، أو بانخفاض في تقدير الذات.
* تقديم الدعم لهم من خلال إظهار التقدير لقول الحقيقة من قبلهم.
* تجنب مشاركتهم من خلال عدم تشجيعهم بتوجيه المزيد من الأسئلة؛ حتى لا يتمادى كل منهم في الكذب.

المصدر :
CRISTINA A. FERNANDEZ (14-8-2017), “Treatment for a Pathological Liar”،.livestrong.com, Retrieved 1-10-2018. Edited.

Mayes، Rick؛ Horwitz، Allan V. (2005-06-01). “DSM-III and the revolution in the classification of mental illness”. Journal of the History of the Behavioral Sciences. 41 (3): 249–267. ISSN 1520.

Leave a Reply

error: Content is protected !!